[صدر المذكرة التالية من قبل مجموعة من المواطنين الليبيين المعنيين لالهيئة الليبية الوطنية التأسيسية لصياغة الدستور في 20 آب 2014 فيما يتعلق بحق المرأة الليبية على نقل الجنسية لأبنائها.]
14 أغسطس 2014
إلى: الهيئة الليبية الوطنية التأسيسية لصياغة الدستور
الموضوع: المساواة في حقوق المواطنة للمرأة الليبية في الدستور
السادة أعضاء الهيئة بعد التحية
نود تهنئتكم على انتخابكم للهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور في ليبيا وإلى الأمل والثقة التي ألهمت العديد من الموطنين في ليبيا إلى غاية الآن.
تحت قيادتكم تنتظر كافة الأمة الليبية بقلق ما يعتقد أن يكون نقطة تحول في ضمان الحقوق والحريات المدنية للشعب الليبي ودعم ليبيا في تحقيق أساس الاستقرار الذي سيساهم في إعادة بناء مجتمعنا.
نكتب إليكم نيابة عن نساء ليبيا بصفتنا مواطنات مهتمات بهذا الشأن. كما تعملون، كانت المرأة الليبية في طليعة المساهمين في ثورة 17 فبراير، ولولا هذا الدعم لم يكن في الإمكان قيام هذه الثورة. لسوء الحظ فأن واقعنا الاجتماعي المتمثل في الحط من وتقليل شأن المرأة في ليبيا لا يخفى على أحد في مجتمعنا الليبي، وهذه الظاهرة في الواقع استمرت بعد الحرب وبلغت مستويات إجرامية. مؤخرا شاهدنا العنف والجرائم التي ارتكبت ضد المرأة وانتهاك حرمة بيوتهن وذلك سعيا لتخويف وإسكات أصواتهن. وتعتبر جريمة اغتيال سلوى بوقعيقيص الناشطة في مجال حقوق المرأة في بنغازي وفريحة البرقاوي عضو المؤتمر الوطني العام في درنة أمثلة على هذه الجرائم المرعبة ( ندعو الله أن يتقبلهن في واسع رحمته).
تتطلب ظاهرة اضطهاد المرأة في ليبيا بذل أقصى الجهود لمواكبة العالم الحديث. ولكن يمكن للدستور الجديد لعب دور هام في تسهيل وتسريع هذه العملية من خلال وضع معايير قانونية جديدة تعمل على رفع وحماية وضع المرأة الليبية وضمان المساواة في الحقوق والموطنة.
حاليا يعتبر كل الليبيون متساوون في الحقوق أمام القانون. ولكن هناك تعارض كبير في الواقع، مثال على ذلك تمنع المرأة الليبية المتزوجة من رجل أجنبي من حق إعطاء جنسيتها لأبنائها بينما يمكن لأبناء الرجل الليبي المتزوج من امرأة أجنبية الحصول على الجنسية بشكل أوتوماتيكي. بناء عليه، لا يمكننا القول أن كل الليبيون متساوون، وهذا يعني أن المرأة الليبية لا تتمتع بحقوق مساوية إذ أنه لا يمكن لأطفال المرأة الليبية من زوج أجنبي الحصول على الجنسية.
تقريبا هناك حوالي 80,000 امرأة ليبية متزوجة من أجنبي وهن بالتالي محرومات من حقوق شرعية بموجب هذا القانون. إن عدم الاعتراض على هذا القانون يعتبر وصمة عار وظلم فادح. حيث يمكن للأطفال في العائلة الواحدة المطالبة بحقوق الملكية والميراث والقدرة على العمل والإقامة، الخ. تحديد الجنسية من خلال الأب فقط حتى إذا كانت الأم ليبية، وسيكون الأطفال من أب أجنبي محرومون من حقوق قانونية تتمثل في الارتباط الطبيعي والهوية.
يجب الإعتراف أنه نتيجة لحكم نظام القذافي اضطر العديد من الليبيين للعيش في الغربة في مختلف أرجاء العالم ، بشكل منعزل عن وطنهم الأم والعيش بعيدا عن القليل من المجتمعات الليبية المنتشرة في الخارج، وهذا طبيعيا نتج عنه زواج العديد من الليبين والليبيات بمسلمين أجانب نظرا لعدم وجود ترابط اجتماعي وتواصل مع باقي الليبيين. وعند العودة إلى ليبيا بعد الثورة، ببساطة يمكن القول أنه من الظلم معاملة المرأة الليبية بشكل مختلف لأخيها (الرجل) ومعاقبتها بسبب خوضها لنفس التجربة والمصير والظروف وذلك بسبب الإقتران بزوج( مسلم) من أصل غير ليبي.
وبغض النظر عن العيش في الخارج أو في الداخل، على أي أساس يتم معاقبة المرأة الليبية التي تختار أن تتزوج من رجل مسلم غير ليبي بينما يتمتع أخيها (الرجل الليبي)ى بحرية الزواج من أي جنسية دون أي تأثير سلبي ؟ إن التمييز في حقوق المواطنة والزواج بين الرجل والمرأة في ليبيا يعتبر ظاهرة متخلفة وهي أن المرأة تعتبر أقل شأنا وقدرة من الرجل وهذا بالتالي يجعل المرأة عرضة لعدة مستويات من التمييز والسيطرة وسوء المعاملة والحد من مساهمة المرأة في المجتمع.
والأهم من ذلك، إذا كانت ليبيا مجتمعا إسلاميا حقيقيا، فإنه لا يوجد أي مانع في الإسلام يحرم على المرأة الزواج من جنسية مختلفة طالما كان هذا الرجل مسلما. إن هذا الممارسة تناقض المفاهيم العامة للمساواة بين الجنسين التي تحكم المجتمعات الحديثة وأيضا تخالف مبادئ الشريعة الإسلامية لأنها تعتبر ظلم من خلال التمييز ضد مجموعات محددة وحرمانهن من حقوقهن من خلال ممارسة هذه الحقوق التي منحها لهن الدين الإسلامي.
تعتبر المساواة بين الرجل والمرأة سمة الأمم المتقدمة والمتحضرة.ولذا فإنه من الضروري أن يقدم الدستور الجديد دفعة للأمام لليبيا في هذا الموضوع من خلال السبق في هذا المجال – ليس فقط من أجل المرأة الليبية ولكن لمصلحة البلد إجمالا. إن هذه المعركة ناضل من أجلها العديد وربحوها مسبقا في العديد من دول العالم – وبالتالي لا يوجد داعي أن تضيع ليبيا الوقت في هذا الموضوع المفروغ منه والمحسوم إطلاقا.
إذا أمكن حماية حقوق المرأة جوهريا في ليبيا بعد مرحلة حكم القذافي من خلال دستورها الجديد، فإنه بالتدريج سوف تختفي العقليات المتخلفة التي ساهمت في اضطهاد المرأة نهائيا. وسيدعم هذا تقدم البلد بالمساهمة اللامحدودة لكل المواطنين من خلال حماية كل حقوقهم.
نرجو من سعادة أعضاء الهيئة إتخاذ خطوات تاريخية من خلال طرح هذه القضية في مداولاتكم. وونرجو أن تكون المساواة في الحقوق بين المواطنين بغض النظر عن الجنس هي نقطة البداية التي ينطلق منها المجتمع الليبي نحو التطور وتفادي التعثر نحو هذا الهدف في المائة سنة القادمة.
نتطلع بشوق لرؤية فجر ليبيا الديمقراطية المتطورة. حيث يعمل الرجل والمرأة جنبا إلى جنب لتطوير وطننا، بنفس الكيفية التي تعملون بها أنتم الآن.
نشكركم جزيل الشكر لخدمتكم الوطنية. ونرجو من الله عز وجل أن يبارك في مساعيكم ويحمي ليبيا.